عادت إلى الواجهة أزمة «السرقات الأدبية» في الوسط الأدبي المصري، مع واقعة اتهام شاعر وعضو باتحاد الكتاب بسرقة قصائد من عدة شعراء، من بينهم قصيدة شهيرة للشاعر السوري الراحل، نزار قباني.
والحديث هنا عن قصيدة «اختاري»، التي فجرت لغطاً واسعاً خلال اليومين الماضيين.
وقبلها، حدثت سلسلة وقائع أخرى مماثلة تحدث عنها كتّاب وشعراء لدى إشارتهم لقضية السرقات المُتكررة، مُحملين في الوقت نفسه اتحاد الكتّاب جزءا من المسؤولية، قبل أن يقدم الاتحاد على إحالة متهمين اثنين بالسرقة إلى التحقيق تمهيداً لشطبهما.
الواقعة الجديدة التي أعادت للواجهة أزمة السرقات الأدبية من جديد في مصر، بدأت مع انتشار منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يكشف أصحابها، وهم شعراء مصريون، عن سرقة شاعر يدعى مصطفى أبوزيد، حصل مؤخرا على عضوية اتحاد الكتاب، لقصيدة قباني وإدراجها ضمن ديوانه الشعري.
وفي الأثناء، كشف عن شاعرة أخرى مُتهمة بالسرقة في الوقت نفسه.
وشارك شعراء ومثقفون نصوصا من دواوين أخرى للشاعر منقولة عن شعراء آخرين، في الوقت الذي نشر فيه الشاعر الأردني، سعيد يعقوب، عبر صفحته في فيسبوك، السبت، منشورا يؤكد فيه سرقة أشهر قصائده من قبل الشاعر المذكور، الذي ضمها لديوان يحمل عنوان «أنا العاشق»، الأمر الذي شكّل دافعا ما لاتحاد الكتاب للتحرك وإتخاذ إجراءات ضد الشاعر.
موقف اتحاد الكتّاب
وعقب الاجتماع الطارئ الذي عقده الاتحاد، السبت، كتبت عضو مجلس إدارة الاتحاد، منى ماهر، عبر صفحتها في فيسبوك، أوضحت فيه الواقعة بشكل كامل، بداية من الإقرار بعدم وجود قصيدة نزار قباني المسروقة ضمن الدواوين التي حصل بناء عليها الشاعر المذكور على عضوية الاتحاد.
وأكدت وجود قصائد أخرى «مسروقة» من شعراء آخرين، من بينهم شاعر أردني.
وأفادت بأن «حالة السرقة تلك ليست الوحيدة في الوسط الأدبي»، مشيرة إلى واقعة سرقة شاعرة أخرى لقصيدة «الوصية» من ديوان مطبوع بعنوان «فلمنكو» وقصائد أخرى كثيرة.
وكشفت عن أنه «تمت إحالة الشاعر والشاعرة المتهمين بالسرقة للجنة التحقيق ومن ثم إلى اللجنة التأديبية (..) لابد أن يتم اتباع الأساليب الصحيحة والقانونية معهما، تمهيداً لشطب عضويتهما من اتحاد الكتاب».
كواليس الأزمة
وروى الباحث والكاتب المصري السعداوي الكافوري، في تصريحات خاصة لموقع «سكاي نيوز عربية» تفاصيل الواقعة التي شارك في إثارتها على نطاق واسع مؤخراً عبر مواقع التواصل، قائلاً: «استرعى انتباهي حصول مواطن على عضوية اتحاد كتاب مصر عن طريق الغش».
وتابع: «قدّمت ما لديّ من معلومات للاتحاد حول سرقة قصيدة لنزار قباني، لكن استجابة الاتحاد كانت بطيئة، وبالتالي أثرت المشكلة عبر مواقع التواصل، خرج بعدها الاتحاد ليبرئ ساحته، بالتأكيد على أن الديوان المنشور لم يكن ضمن الدواوين المجازة من قبل لجنة الفحص والتي حصل الشاعر بموجبها على عضوية الاتحاد».
وأردف: «بمراجعة الدواوين التي علمت بأنها عرضت على لجنة الفحص، تبين أن هناك قصائد أخرى مسروقة، من بينها قصيدة للشاعر الأردني سعيد يعقوب».
وأشار إلى مسؤولية اتحاد الكتّاب عن تلك الواقعة بعد وجود قصائد «مسروقة»، ضمن الدواوين التي عرضت على لجنة الفحص، فضلاً عن مسؤولية دار النشر.
ولفت الكافوري إلى واقعة مرتبطة بشاعرة مصرية سرقت قصائد من شاعرة سودانية أخرى في ثلاثة دواوين لها حصلت من خلالها على عضوية اتحاد الكتاب مؤخراً.
تبرير الشاعر
لكن الشاعر المُتهم بالسرقة، خرج مبرراً وجود قصيدة «اختاري» ضمن أحد دواوينه، وقال في تصريحات إعلامية، إنها وردت عن طريق الخطأ من قبل ابنته لدى جمع القصائد عبر الكمبيوتر.
وقال إنه يجهل التكنولوجيا الحديثة، بينما لم تصدر عنه تعليقات بشأن اتهامه بسرقة قصائد أخرى من دواوين مختلفة لشعراء آخرين.
انتقادات للاتحاد
وفتحت الواقعة نيران انتقادات مثقفين على الاتحاد، بخاصة لجنة القيد.
وبموازاة ذلك، ينتقد الشاعر محمد جاد المولى، في تصريحات خاصة لموقع «سكاي نيوز عربية»، آلية الحكم على الأعمال الأدبية في الاتحاد، مشيراً إلى أن «هناك مستويات رديئة من الكتب منح أصحابها العضوية، وأحياناً بدون كتب بالأساس».
ولفت إلى أن «آلية الحكم على الأعمال الأدبية فتحت المجال لكل من هب ودب من أجل أن يكون عضوا بالاتحاد، وهي آلية تعتمد على الابتعاد عن التابوهات الثلاثة، بغض النظر عن الذائقة الأدبية والمستوى الفني والإبداعي (..) بينما هناك أدباء وشعراء أفضل بكثير ومع الأسف الشديد ليسوا أعضاءً بالاتحاد».
وتحدث في الوقت نفسه عن مجاملات ومعايير مختلفة تحكم القيد بالاتحاد بعيدا عن الموهبة والذائقة الأدبية.
وبخصوص واقعة الاتهام بالسرقة الأخيرة، أفاد المولى بأن «الاتحاد لديه لجان فحص من كبار الأدباء والمثقفين من الأعضاء، وبالنسبة للأعمال الأدبية الخاصة بشعراء وأدباء معروفين، فبطبيعة الحال يكون الفاحص مُطلع عليها، بحيث إن كان هناك أي اختلاس من قبل أي نص لنص آخر لشاعر معروف يمكن كشفه بسهولة، بينما الأمر يكون صعبا حال كانت السرقة من عمل غير منشور (مثل الأعمال المنشورة فقط مواقع التواصل) أو لشاعر مغمور، لكن عندما تكون السرقة من نص مشهور لنزار قباني، فهنا تكمن المشكلة التي تتطلب التحقيق مع الفاحص».