على مدار أيام، تصدرت كنيسة البازيليك «الترند» مصر، بسبب مزاعم بشأن إنشاء كوبري جديد في حي مصر الجديدة (شرقي القاهرة)، بجوار هذه الكنيسة التاريخية، التي أسسها البارون إمبان قبل 111 عاما، صاحب القصر الشهير الذي يحمل اسمه «البارون» ومؤسس هذا الحي التاريخي.
وقبل أيام تصاعد الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، مع انتشار صور تجهيز الموقع في ميدان الأهرام بالقرب من منطقتي الكوربة وروكسي بجوار «البازيليك» داخل حي مصر الجديدة، استعدادا لإقامة مشروع تطوير بالمنطقة، وهنا بدأ الحديث عن هذه الكنيسة، وأهميتها التاريخية والدينية والمعمارية.
تتوسط الكنيسة هذا الحي الشهير، وكأنها قلب نابض، حيث يمكن أن تراها ماثلة أمامك من شوارع مصر الجديدة الرئيسية: هارون، وصلاح الدين والأهرام ونزيه خليفة، حيث تقع في واجهة قصر البارون من الضفة الأخرى لشارع الثورة.
سحر «البازيليك» وارتباط الأهالي بها، لا يكمن فقط باعتبارها من معالم حي مصر الجديدة، ولا بتاريخها فقط، ولكن بتصميمها المعماري الفريد على الطراز البيزنطي المشابه لكاتدرائية آيا صوفيا، الذي صممه أليكساندر مارسيل وتم افتتاحها في عام 1910.
«بازيليك السيدة العذراء».. جوهرة البارون إمبان
وكلمة «البازيليك» تعني باللغة الإيطالية «كاتدرائية»، أما اسمها فهي «السيدة العذراء»، وبالتالي فهي تسمى «كاتدرائية السيدة العذراء»، لكنها معروفة شعبيا باسم «كنيسة البازيليك»، بحسب شريف سلامة المتحدث باسم نيافة المطران كلاوديو لوراتي النائب الرسولي للاتين الكاثوليك بمصر.
وأكد سلامة في تصريحات خاصة لـ»سكاي نيوز عربية»، أن «البازيليك» تتوسط ميدان الأهرام، الذي كان مصمما من قبل البارون إمبان، بحيث يمكن من خلاله رؤية الأهرامات في الجيزة، وذلك قبل التطور والكثافة العمرانية التي شهدتها المنطقة بعد عام 1952.
ونوه إلى أن البارون إمبان وضع الكنيسة على مقربة منه، وهي معنية بالطائفة الكاثوليكية الأم «اللاتين»، حيث يصلي بابا الفاتيكان بطقوسها.
وكشف عن أن الكنيسة تتفرد أيضاً بعدم وجود «برج» للأجراس في الخارج كما في الكنائس الأخرى، وذلك حتى لا يزعج صوت الجرس البارون إمبان في قصره الذي شيده بالقرب من الكنيسة.
وأشار إلى أن هناك «بلاطة كبيرة» من الرخام عليها شعار « البارون» بالمعدن قبل هيكل الصلاة، هذه «البلاطة» ما هي إلا مدخل لغرفة تحت «الهيكل» مفتاحها هذا الشعار المعدن، حيث يتم إدارته بآلة معدنية فتفتح البلاطات وتظهر الغرفة، التي تضم مقبرة «فخمة» تحت الكنيسة.
ودفن البارون إمبان في «البازيليك» عام 1930 بحسب وصيته، أسفل هيكل الصلاة، وفق المتحدث باسم مطران الكنيسة، حيث يغطي مدفنه علم بلجيكا (جنسيته)، ويتضمن أيضاً لوحتين جداريتين، الأولى تضم: المشروعات التي نفذها في مصر وأوروبا وتحديدا فرنسا، أما الثانية؛ فتضم ألقابه العسكرية والنياشين التي حصل عليها، حيث كان برتبة جنرال، وشارك في الحرب العالمية الأولى.
تحتاج إلى ترميم
وأكد سلامة في تصريحات لـ»سكاي نيوز عربية»، أن الكنيسة عمرها 110 سنة، وتعاني من شروخ في جدرانها وتحتاج إلى ترميم.
ولفت إلى أن الكنيسة تضم غرف تحتها، وهي تعاني أيضاً من «آثار الزمن»، بحسب قوله، وهو ما يهدد الكنيسة ذاتها إذا تم الحفر وبناء «مجسات» لإنشاء كوبري أو بدء في أعمال حفر.
وأوضح أنه حتى في حالة الانتهاء من الكوبري، ثمة صعوبة لتفادي أي حوادث طبيعية أو «مفتعلة»، يمكن أن تستهدف الكنيسة والمصليين داخلها.
ونوه أيضاً إلى تأثير ضوضاء السيارات وكثافة المارة على الجانب الروحي في الكنيسة وتحديدا خلال وقت الصلاة.
تحركات ومناشدات
وكشف المتحدث باسم مطران الكنيسة، إلى تحركاتهم لمناشدة المسؤولين وقف أعمال الحفر والإنشاءات حول «البازيليك»، وقال لـ»سكاي نيوز عربية» إنه تم إرسال خطاب مشترك موقع من المطران كلاوديو لوراتي النائب الرسولي للاتين الكاثوليك بمصر (مطران اللاتين في مصر)، عن كنيسة البازيليك، والأب نبيل راعي البطرخانة المارونية، والكاهن ميشيل راعي كنيسة الروم الأرثوذكس، وذلك إلى حزب مستقبل وطن، صاحب الأغلبية البرلمانية.
وأوضح أنه تم توجيه الخطاب أيضاً إلى رئيسا مجلس النواب والشيوخ المصريين، ورئيس مجلس الوزراء أيضاً، وذلك لتوضيح أضرار أعمال الحفر في المنطقة.
وأشار إلى أن التحرك الشعبي من المسلمين تحديدا سواء داخل أو خارج المنطقة، لإنقاذ «البازيليك» دفع الكنيسة إلى اتخاذ موقف في محاولة لحمايتها.
وكان نواب مصريون أكدوا أنه لن يتم إنشاء كوبري بهذه المنطقة، وأن ما حدث هو مجرد وضع مجسات لاختبار التربة قبل أي أعمال حفر.