الرئيسيةمنوعات عالميةعوني.. كفيف لبناني تحدى الظلام في بريطانيا

عوني.. كفيف لبناني تحدى الظلام في بريطانيا

قصة‭ ‬‮«‬عوني‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬كباقي‭ ‬القصص‭ ‬ففيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التحدّي‭ ‬الممزوج‭ ‬بالإصرار‭ ‬والطموح‭ ‬والمثابرة،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬تحويل‭ ‬الظلمة‭ ‬السوداء‭ ‬إلى‭ ‬نور‭ ‬يضيء‭ ‬طريق‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬شاقة‭ ‬من‭ ‬التعب‭ ‬والسهر‭.‬

هي‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬اللبناني‭ ‬ابن‭ ‬بلدة‭ ‬شحيم‭ ‬الشوفية‭ ‬الذي‭ ‬لمع‭ ‬اسمه‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراها،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬طبيعة‭ ‬تربتها‭ ‬وشكل‭ ‬طرقها‭ ‬وملامح‭ ‬أهلها،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عرفه‭ ‬عنها‭ ‬هو‭ ‬احترام‭ ‬أهلها‭ ‬لإعاقته‭ ‬البصرية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يستسلم‭ ‬لها‭ ‬تاركاً‭ ‬بلده‭ ‬الأم‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬أكثر‭ ‬احتراما‭ ‬لقدراته‭ ‬وصفاته‭ ‬المميزة‭.‬

عون‭ ‬الله‭ ‬علي‭ ‬قشوع،‭ ‬ابن‭ ‬الـ58‭ ‬عاما‭ ‬المتزوج‭ ‬من‭ ‬المربية‭ ‬ميرفت‭ ‬الحجار،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الحظ‭ ‬الذي‭ ‬حالفه‭ ‬بمثابرته‭ ‬على‭ ‬تحصيله‭ ‬العلمي‭ ‬والثقافي،‭ ‬ألا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحالفه‭ ‬ليصير‭ ‬أبا‭ ‬كأي‭ ‬إنسان‭ ‬يطمح‭ ‬ليشكل‭ ‬عائلة‭ ‬طبيعية‭ ‬مكتملة‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬الجنسية‭ ‬اللبنانية‭ ‬يحمل‭ ‬عون‭ ‬الله‭ ‬الجنسية‭ ‬البريطانية‭ ‬ويفتخر‭ ‬بها‭.‬

الحديث‭ ‬معه‭ ‬كان‭ ‬مؤلماً‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬تستمع‭ ‬لألمه‭ ‬دون‭ ‬دموع‭ ‬ليست‭ ‬دموع‭ ‬الشفقة‭ ‬إنما‭ ‬حسرة‭ ‬على‭ ‬كثيرين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بنعمة‭ ‬البصر‭ ‬ولم‭ ‬يذوقوا‭ ‬يوماً‭ ‬طعم‭ ‬النجاح‭ ‬والفوز‭.‬

عوني‭ ‬الذي‭ ‬حرم‭ ‬نعمة‭ ‬البصر‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬بنعم‭ ‬كثيرة،‭ ‬برباطة‭ ‬الجأش‭ ‬وقوة‭ ‬الإرادة‭ ‬التي‭ ‬مكنته‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬بلده‭ ‬الأم‭ ‬إلى‭ ‬بلاد‭ ‬غريبة‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬فيها‭ ‬أحداً‭ ‬ليدرس‭ ‬ويعمل‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬حقلي‭ ‬الإعلام‭ ‬والعلاج‭ ‬الفيزيائي‭ ‬ثم‭ ‬ليصل‭ ‬به‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬أروقة‭ ‬وزارتي‭ ‬الداخلية‭ ‬والعدل‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬لندن‭.‬

رحلة‭ ‬حياة‭ ‬تكللت‭ ‬بالنجاح‭ ‬والتفوق،‭ ‬مليئة‭ ‬بالإثارة‭ ‬والتشويق‭ ‬والتضحية‭ ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬مترجم‭ ‬محلف‭ ‬لدى‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬ومحكمة‭ ‬الجنايات‭ ‬الدولية،‭ ‬وهو‭ ‬منتدب‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬البريطانية‭ ‬للغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬ومترجم‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬والهجرة‭ ‬هو‭ ‬ابن‭ ‬شحيم،‭ ‬عون‭ ‬الله‭ ‬قشوع،‭ ‬صاحب‭ ‬الشعار‭: ‬‮«‬لا‭ ‬فشل‭ ‬مع‭ ‬الإصرار‭ ‬والإرادة‮»‬‭. ‬

ويقول‭ ‬قشّوع‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لـ»سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‭ ‬‮«‬‭: ‬‮«‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬قدرة‭ ‬الانسان‭ ‬على‭ ‬الإنجاز‭ ‬وقوة‭ ‬الإرادة‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬‮«‬أن‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬لديه‭ ‬إعاقة‭ ‬جسدية‭ ‬أن‭ ‬يراجع‭ ‬حساباته‭ ‬فليس‭ ‬أجمل‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬لنفس‭ ‬فهو‭ ‬المفتاح‭ ‬الرئيسي‭ ‬للحياة‭ ‬السعيدة‮»‬‭.‬

رحلة‭ ‬العذاب

تتحدث‭ ‬مع‭ ‬الدكتور‭ ‬عوني‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬الشهادات‭ ‬في‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬والجدارة،‭ ‬تصغي‭ ‬إلى‭ ‬قصته‭ ‬المشوقة،‭ ‬لكن‭ ‬على‭ ‬مراحل،‭ ‬تطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يتمهل‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬التقاط‭ ‬أنفاسك‭… ‬تكاد‭ ‬تشعر‭ ‬بالاختناق‭ ‬كلما‭ ‬تخيلت‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مرارة‭ ‬وعذاب،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬النهاية‭ ‬السعيدة‭.‬

يقول‭ ‬عوني،‭ ‬وهذا‭ ‬اللقب‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬به‭: ‬‮«‬بدأت‭ ‬حياتي‭ ‬عاملاً‭ ‬فندقياً،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1982‭ ‬وفقدت‭ ‬بصري‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬السابعة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬بسبب‭ ‬حادث‭ ‬شخصي‭ ‬أليم‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬سافرت‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬حاسة‭ ‬البصر‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬عدت‭ ‬والتحقت‭ ‬بعدها‭ ‬بمعهد‭ ‬الضرير‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بعبدا‭ ‬في‭ ‬جبل‭ ‬لبنان‭ ‬لعدة‭ ‬سنين‭.‬

إلى‭ ‬بريطانيا

يقول‭ ‬قشوع‭: ‬‮«‬وأخيراً‭ ‬جاء‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬انتظرت‭ ‬طويلاً،‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬الدولي‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وهناك‭ ‬بدأت‭ ‬رحلة‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬كنت‭ ‬فيها‭ ‬ذاك‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬نفسه‭.‬

وبفرحة‭ ‬لم‭ ‬تفارقه‭ ‬طيلة‭ ‬اللقاء‭ ‬يكمل‭ ‬عون‭ ‬الله‭ ‬حديثه‭ ‬فيقول‭: ‬‮«‬غادرت‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التسعينيات‭ ‬وثقت‭ ‬لجوئي‭ ‬وبقيت‭ ‬بعدها‭ ‬لعدة‭ ‬أشهر‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬للمكفوفين،‭ ‬ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬العيش‭ ‬لوحدي‭ ‬وطلبت‭ ‬اللجوء‭ ‬الإنساني‭ ‬فطلب‭ ‬مني‭ ‬حينها‭ ‬الخضوع‭ ‬إلى‭ ‬دورة‭ ‬تأهيل‭ ‬وفعلت‮»‬‭.‬

ويتابع‭ ‬مبتسماً‭ ‬كلما‭ ‬ذكر‭ ‬إنساناً‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬فضل‭ ‬عليه،‭ ‬هو‭ ‬لا‭ ‬ينسى‭ ‬أدق‭ ‬التفاصيل‭ ‬ولا‭ ‬اسما‭ ‬لشخص‭ ‬مر‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬فضل‭ ‬عليه‭ ‬والساعات‭ ‬ولا‭ ‬التواريخ‭: ‬‮«‬أذكر‭ ‬اسم‭ ‬الموظفة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إليزابيت‭ ‬غرين‭ ‬هاوس‭ ‬التي‭ ‬ساعدتني‭ ‬كثيراً‭ ‬كي‭ ‬أبدأ‭ ‬حياتي‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬الضباب،‭ ‬علمتني‭ ‬أطبخ‭ ‬وأجتاز‭ ‬الشارع،‭ ‬واستئجار‭ ‬بيت‭ ‬وبعد‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬التدريب‭ ‬على‭ ‬إشارات‭ ‬المرور‭ ‬استطعت‭ ‬أن‭ ‬أتجول‭ ‬بمفردي‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬لغتي‭ ‬الإنجليزية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬بدائية‭ ‬آنذاك‭ ‬‮«‬‭.‬

ويتابع‭: ‬‮«‬خضعت‭ ‬بعدها‭ ‬لدورة‭ ‬تأهيلية،‭ ‬بدأت‭ ‬رحلتي‭ ‬مع‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬دخلت‭ ‬الجامعة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬هرفيد‭ ‬لدراسة‭ ‬اختصاص‭ ‬العلاج‭ ‬الفيزيائي‭ ‬وعملت‭ ‬كمعالج‭ ‬فيزيائي‭ ‬في‭ ‬مصح‭ ‬خاص‭ ‬للقوات‭ ‬العسكرية‭ ‬البريطانية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬يستقبل‭ ‬مرضى‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ومنهم‭ ‬عسكريون‭ ‬من‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية‭ ‬ومن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وبعد‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية‭ ‬كنت‭ ‬أقوم‭ ‬بمعالجتهم‭ ‬وساعدتني‭ ‬لغتي‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬هناك‮»‬‭.‬

ويستطرد‭: ‬‮«‬قصتي‭ ‬مع‭ ‬العلاج‭ ‬الفيزيائي‭ ‬بدأت‭ ‬يوم‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬مكفوفين‭ ‬ومكفوفات‭ ‬إنجليز‭ ‬وصار‭ ‬عندي‭ ‬صداقات‭ ‬وشاركت‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬وتعرفت‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬فاضل‭ ‬إنجليزي‭ ‬اسمه‭ ‬ليزريس‭ ‬وهو‭ ‬طبيب‭ ‬علاج‭ ‬فيزيائي‭ ‬أحببته‭ ‬وتعلمت‭ ‬منه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬يحتاجها‭ ‬المكفوف‮»‬‭.‬

من‭ ‬العلاج‭ ‬الفيزيائي‭ ‬إلى‭ ‬الترجمة

ويضيف‭ ‬‮«‬ومن‭ ‬هناك‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬الترجمة‭ ‬فأحببتها‭ ‬وشعرت‭ ‬بأنها‭ ‬ستكون‭ ‬إلى‭ ‬جانبي‭ ‬في‭ ‬غربتي،‭ ‬كان‭ ‬المستشفى‭ ‬بحاجة‭ ‬لي‭ ‬كمترجم‭ ‬بين‭ ‬المرضى‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬بين‭ ‬الفريق‭ ‬الطبي،‭ ‬انتقلت‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬إلى‭ ‬جامعة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬لندن‭ ‬وحصلت‭ ‬على‭ ‬إجازة‭ ‬باللغتين‭ ‬الفرنسية‭ ‬والإنجليزية‭ ‬ونلت‭ ‬منحة‭ ‬لإكمال‭ ‬رسالة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬اختصاص‭ ‬الترجمة‭ ‬وأعددت‭ ‬رسالتي‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬‮«‬التواصل‭ ‬اللغوي‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الأجناس‭ ‬والخلفيات‭ ‬الثقافية‮»‬‭.‬

فطرح‭ ‬علي‭ ‬المشرف‭ ‬آنذاك‭ ‬أن‭ ‬أدخل‭ ‬مبادئ‭ ‬على‭ ‬أصول‭ ‬الفقه‭ ‬اللغوي‭ ‬ففعلت‭ ‬بجدارة‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭ ‬ولا‭ ‬زالت‭ ‬تستخدم‭ ‬هناك‭ ‬بإسمي‭ ‬وهي‭ ‬‮«‬مبادئ‭ ‬قشوع‭ ‬للفقه‭ ‬اللغوي‮»‬،‭ ‬ويضيف‭ ‬‮«‬كنت‭ ‬أقرأ‭ ‬الكتب‭ ‬الإنجليزية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الماسحة‭ ‬الضوئية‭ ‬‮«‬سكانر‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أنقل‭ ‬هذا‭ ‬المسح‭ ‬الضوئي‭ ‬إلى‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬وعن‭ ‬طريق‭ ‬البرنامج‭ ‬الصوتي‭ ‬كانت‭ ‬تتحول‭ ‬الكلمات‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬ضوئية‭ ‬إلى‭ ‬أحرف‭ ‬بدقة‭ ‬نقل‭ ‬عالية‭ ‬تقريباً،‭ ‬إنما‭ ‬المسألة‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬غيري‮»‬‭.‬

لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عون‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬المثابرة‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬بقي‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬العمل‭ ‬ففي‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬تلقى‭ ‬اتصالا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قدم‭ ‬رسائل‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬وقالوا‭ ‬هل‭ ‬تجيد‭ ‬العربية؟‭ ‬واستدعوني‭ ‬وأجروا‭ ‬معي‭ ‬مقابلة‭ ‬فأنجزتها‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬لحسن‭ ‬الحظ‭ ‬كانت‭ ‬المقابلة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مباشرة‭ ‬العمل‭ ‬وكانت‭ ‬المتهمة‭ ‬سيدة‭ ‬سودانية‭ ‬ساعدتهم‭ ‬في‭ ‬ترجمة‭ ‬المعلومات‭ ‬فتم‭ ‬إخلاء‭ ‬سبيل‭ ‬المرأة‭ ‬السودانية‭ ‬آنذاك‭ ‬وباشرت‭ ‬معهم‭ ‬العمل‭ ‬فورا‮»‬‭.‬

صعوبات‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬اليومي

‮«‬هي‭ ‬صعوبات‭ ‬ملموسة‭ ‬‮«‬‭ ‬يشرح‭ ‬عنها‮»‬،‭ ‬مجرد‭ ‬دخولي‭ ‬لندن‭ ‬في‭ ‬بدايات‭ ‬التسعينات‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬الجهاز‭ ‬الناطق‭ ‬في‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سهل‭ ‬علَى‭ ‬الكثير‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المكتبة‭ ‬الصوتية‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬دورا‭ ‬هاما‭ ‬كما‭ ‬يساهم‭ ‬اليوم‭ ‬التقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الحديث‭ ‬بوجود‭ ‬‮«‬خرائط‭ ‬غوغل‮»‬‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التقنيات‭ ‬التي‭ ‬ترشدني‭ ‬بالصوت‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‮»‬‭.‬

يعتز‭ ‬عون‭ ‬الله‭ ‬بتعلم‭ ‬ثقافته‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الغرب‭ ‬وعن‭ ‬كيفية‭ ‬ممارسة‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬أسوة‭ ‬بغيري‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬متعب‭ ‬جدا‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬يتطلب‭ ‬حرفة‭ ‬الإنسان‭ ‬ودقته‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬المعلومة‮»‬‭.‬

ويردف‭: ‬‮«‬حياتي‭ ‬تبدأ‭ ‬منذ‭ ‬الثامنة‭ ‬صباحاً‭ ‬ولغاية‭ ‬الرابعة‭ ‬بعد‭ ‬الظهر‭ ‬وبسبب‭ ‬إكرام‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬بالزوجة‭ ‬الصالحة‭ ‬حيث‭ ‬التقيتها‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬تزوجت‭ ‬منها‭ ‬فبدأت‭ ‬تأخذ‭ ‬عبئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬عني‭ ‬لجهة‭ ‬عملي‭ ‬اليومي‮»‬‭.‬

الصحافة

‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬كان‭ ‬لعون‭ ‬الله‭ ‬دوره‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬كيف؟‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬يتابع‭: ‬‮«‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬أجريت‭ ‬مقابلة‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬الخاص‭ ‬بإذاعة‭ ‬البي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬كي‭ ‬أساعدهم‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬لتقل‭ ‬احداث‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬آنذاك‮»‬‭.‬

ويضيف‭ ‬‮«‬طلبوا‭ ‬مني‭ ‬متابعة‭ ‬الأحداث‭ ‬عبر‭ ‬شاشة‭ ‬التلفاز‭ ‬وهنا‭ ‬كانت‭ ‬الصعوبة‭ ‬‮«‬يتابع‭ ‬‮«‬‭ ‬هناك‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الغارديان‮»‬،‭ ‬بدأت‭ ‬العمل‭ ‬بالقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬كصحفي‭ ‬متدرب‭ ‬بالإذاعة‭ ‬لكن‭ ‬أيضاَ‭ ‬لم‭ ‬يتلاءم‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬المكفوف‭ ‬ومنها‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬المكتوب‭ ‬ونشر‭ ‬لي‭ ‬بعض‭ ‬المنشورات‭ ‬في‭ ‬‮«‬الغارديان‮»‬‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬صحف‭ ‬محلية‭ ‬تابعة‭ ‬للبلدية‭ ‬فانخرطت‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬لمجتمع‭ ‬أصلاً‭ ‬أنا‭ ‬لم‭ ‬أعرف‭ ‬عنه‭ ‬شيئا‭ ‬‮«‬‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬عوني‭.‬

لماذا‭  ‬غادرت‭ ‬لبنان؟‭ ‬يستذكر‭ ‬الرجل‭ ‬بمرارة‭ ‬حادثة‭ ‬أزعجته‭ ‬فيروي‭ ‬عنها‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬قدمت‭ ‬لطلب‭ ‬وظيفة‭ ‬على‭ ‬الجامعة‭ ‬اللبنانية‭ ‬ورفضني‭ ‬أحد‭ ‬الأساتذة‭ ‬‮«‬شحطني‭ ‬من‭ ‬المقابلة‮»‬‭ ‬وأهانني‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬إصراري‭ ‬على‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬لبنان‭.‬

قشوع‭ ‬يقوم‭ ‬بأعماله‭ ‬بيده‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬الزوجي‭ ‬‮«‬أقوم‭ ‬بمساعدة‭ ‬زوجتي‭ ‬التي‭ ‬أدين‭ ‬لها‭ ‬بالفضل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أعمال‭ ‬المنزل‭ ‬والطبخ‭ ‬والتنظيف‭ ‬وأعتني‭ ‬بالورود‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬حديقتي‭ ‬اللبنانية‭ ‬التي‭ ‬سميتها‭ ‬ليلي‭ ‬غاردن‭ ‬وأهتم‭ ‬بها‮»‬‭.‬

ويختم‭: ‬‮«‬ميرفت‭ ‬زوجتي‭ ‬كانت‭ ‬المعين‭ ‬الاول‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياتي‭ ‬العملية‭ ‬ويعود‭ ‬الفضل‭ ‬لله‭ ‬ولها‭ ‬في‭ ‬نجاحي‭.‬

Most Popular

Recent Comments