دقت حالة من هوس التداولات في سوق وول ستريت للأوراق المالية، خلال الأيام الماضية، جرس إنذار كبيرا، وأصابت المستثمرين بالذهول، بعد ارتفاعات عملاقة في أسهم شركات مثل «غيم ستوب» و»أيه إم سي»، ووصلت الآن إلى بعض السلع، مثل الفضة.
ولم يكن لأي من هذه التحركات علاقة كبيرة بالأسس الاقتصادية المعروفة، بل أظهر التداول المحموم خلال الأسبوع الماضي جميع علامات هوس السوق، «الذي ينتهي تاريخيا بخسائر كبيرة للمتداولين الصغار»، بحسب تصريحات الخبير الاقتصادي شريف عثمان، .
حقيقة مضاربات وول ستريت
بدأت القصة، من خلال استغلال بعض صغار المستثمرين معلومات متاحة على شبكات عالمية، «لتلقين كبار صناديق التحوط في وول ستريت درسا».
وأضاف عثمان أن صغار المستثمرين «نسقوا جهودهم على منصة ريديت للتواصل الاجتماعي، بعد أن وجدوا أن كبار صناديق التحوط، كانت تراهن على انخفاض أسعار أسهم شركات، مثل «غيم ستوب» و»إيه إم سي» وغيرها، لاستغلالها من خلال الشراء والبيع على المكشوف».
«وقرر المستثمرون الصغار الدخول باللعبة، وشراء الأسهم المذكورة بكميات كبيرة»، يشرح عثمان، ويضيف أن «عمليات الشراء رفعت أسعار تلك الأسهم، وهو ما أضر بصناديق التحوط، التي اضطرت للعودة إلى الشراء بأسعار عالية، لتغطية مراكزها المكشوفة، ما كبدها خسائر كبيرة».
ويلفت الخبير الاقتصادي، إلى أن «عودة الصناديق لطلب الأسهم، أضافت قوة شرائية جديدة، رافقها دخول مستثمرين جدد لاغتنام فرصة الارتفاعات الهائلة»، وهو ما أدى إلى زيادات أخرى في الأسعار.
لكن غياب النتائج الاقتصادية الحقيقية التي تبرر هذه الارتفاعات بأسعار الأسهم، كان كافيا «لتراجع الأسعار مؤخرا، وتهدئة الفورة الكبيرة خلال يومي الاثنين والثلاثاء».
مخاطر حقيقية
وقد ارتفعت أسهم وول ستريت، إلى مستويات قياسية وتقييمات عالية، رغم أن العالم يواجه جائحة فيروس كورونا المستجد، وما تعنيه من مخاطر اقتصادية كبيرة، مع انتشار طفرات الفيروس، قبل أن تتمكن اللقاحات الجديدة من فرض سيطرتها.
كما أن أسعار بعض الأسهم، بحسب عثمان، «باتت لا تعبر على الإطلاق عن القيمة الحقيقية للشركات، وهي الآن في طريقها للعودة إلى ما كانت عليه في بداية العام»، وسيدفع ثمن كل تلك الخسائر «الكثير من المستثمرين الصغار الذين دخلوا السوق رغبة بالإثراء السريع، ليجدوا أنفسهم فيما بعد أمام مآس حقيقية، إضافة إلى بعض الصناديق الاستثمارية الصغيرة».
دور وسائل التواصل الاجتماعي
أصبحت منصات التواصل الاجتماعي، التي دفعت السياسة في اتجاهات محيرة على مدى السنوات العديدة الماضية، تلعب دورا في أسواق الأسهم، من خلال مساهمتها في تشكيل ما يشبه الفقاعات، التي يمكن أن تنفجر بطرق مؤلمة.
وبات بإمكان أي شخص أن يذهب إلى منصات متخصصة، ويتحدث عن الأسهم أو السلع التي يمتلكها، ويحصل على عدد كبير من المتابعين، ثم يقوم ببيع ما لديه، من دون اعتبار للمخاطر الكبيرة المترتبة على ذلك.
«لم يحدث من قبل أن كان هناك تداخل بين وسائل التواصل الاجتماعي والنظام المالي العالمي كالذي نشهده الآن»، يقول الخبير الاقتصادي شريف عثمان، ويتابع لموقع سكاي نيوز عربية أن «أي مستثمر بات بإمكانه، وبكبسة زر على هاتفه المحمول، أن يبيع أو يشتري أسهما أو سندات مالية».
ويشدد عثمان، على أن هذا «أمر إيجابي لأنه يقود إلى دمقرطة الأسواق المالية، من خلال إتاحة دخولها أمام الجميع بغرض الاستثمار»، لكنه يلفت إلى أهمية «فرض الكونغرس الأميركي تشريعات لضبط الأسواق»، ولا سيما مع وصول الديمقراطيين للسلطة في البيت الأبيض والكونغرس.