الرئيسيةأخبار الاقتصادخطر يهدد عشبة "العائلة المقدسة" في سيناء

خطر يهدد عشبة “العائلة المقدسة” في سيناء

على‭ ‬مدار‭ ‬عقود‭ ‬عديدة،‭ ‬نجح‭ ‬أهالي‭ ‬سيناء‭ ‬شمال‭ ‬شرق‭ ‬مصر،‭ ‬في‭ ‬تصدر‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬نبات‭ ‬المريمية‭ ‬باهظ‭ ‬الثمن،‭ ‬الذي‭ ‬تعود‭ ‬زراعته‭ ‬إلى‭ ‬العصر‭ ‬القبطي‭ ‬ويرجع‭ ‬تسميته‭ -‬حسب‭ ‬باحثين‭- ‬إلى‭ ‬السيدة‭ ‬العذراء‭ ‬مريم،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تراجعت‭ ‬زراعته‭ ‬رغم‭ ‬محاولات‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليها‭  ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬السيناوية‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬عدم‭ ‬انتشار‭ ‬تلك‭ ‬النبتة‭ ‬في‭ ‬باقي‭ ‬محافظات‭ ‬مصر،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬الزراعة‭ ‬الأهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأهل‭ ‬سيناء‭ ‬منذ‭ ‬العصر‭ ‬القبطي،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تُزرع‭ ‬في‭ ‬دير‭ ‬سانت‭ ‬كاترين‭ ‬ويُقال‭ ‬إنها‭ ‬من‭ ‬الأعشاب‭ ‬التي‭ ‬استخدمتها‭ ‬العائلة‭ ‬المقدسة‭ ‬في‭ ‬رحلتها‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬ثم‭ ‬التوسع‭ ‬فيها‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لسيناء‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

وتعرضت‭ ‬هذه‭ ‬الزراعة‭ ‬التي‭ ‬يُطلق‭ ‬عليها‭ ‬أيضا‭ ‬‮«‬مرمرية‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لانخفاض‭ ‬المساحات‭ ‬المنزرعة‭ ‬حسب‭ ‬مزارعين‭ ‬وباحثين‭ ‬لسببين،‭ ‬الأول‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬زراعته،‭ ‬والثاني‭ ‬هو‭ ‬تأثره‭ ‬بظروف‭ ‬كورونا‭ ‬وصعوبة‭ ‬تصديره‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭.‬

ويقول‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬بلال،‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬بحوث‭ ‬الصحراء‭ ‬المصري،‭ ‬وأحد‭ ‬أهالي‭ ‬سيناء،‭ ‬إن‭ ‬زراعة‭ ‬المريمية‭ ‬في‭ ‬سيناء‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬العصر‭ ‬القبطي،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تزرع‭ ‬تلك‭ ‬النبتة‭ ‬في‭ ‬دير‭ ‬سانت‭ ‬كاترين‭ ‬ويقال‭ ‬أن‭ ‬أصولها‭ ‬كانت‭ ‬تزرع‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وتعود‭ ‬تسميتها‭ ‬إلى‭ ‬السيدة‭ ‬العذراء‭ ‬مريم،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬زراعة‭ ‬المريمية‭ ‬دخلت‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬تجاري‭ ‬وتم‭ ‬زراعتها‭ ‬على‭ ‬نظم‭ ‬الري‭ ‬الصحراوي‭ ‬بالتنقيط‭ ‬وقد‭ ‬عرفها‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬أهالي‭ ‬سيناء‭ ‬من‭ ‬البدو‭ ‬وتوسعت‭ ‬زراعتها‭ ‬وإنتاجها‭.‬

وأضاف‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬عشبة‭ ‬المريمية‭ ‬تعتبر‭ ‬المحصول‭ ‬العطري‭ ‬والطبي‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬عليه‭ ‬أهل‭ ‬سيناء‭ ‬ويليها‭ ‬الزعتر‭ ‬والحبق‭ ‬والنعناع‭ ‬وهي‭ ‬سهلة‭ ‬الإنبات‭ ‬والرعاية‭ ‬وتعطي‭ ‬محصول‭ ‬من‭ ‬العشب‭ ‬الغزير‭ ‬ويتم‭ ‬جزها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬خلال‭ ‬الموسم‭ ‬الزراعي،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬زراعتها‭ ‬تتركز‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الشمالي‭ ‬الشرقي‭ ‬لسيناء‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬رفح‭ ‬والشيخ‭ ‬زويد‭ ‬وجنوب‭ ‬العريش،‭ ‬كما‭ ‬تنتشر‭ ‬زراعتها‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬شرق‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬والصالحية‭.‬

وحول‭ ‬جدواه‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬أكد‭ ‬بلال‭ ‬أن‭ ‬محصول‭ ‬العشب‭ ‬من‭ ‬المريمية‭ ‬يتميز‭ ‬بأنه‭ ‬سهل‭ ‬التسويق‭ ‬وغالي‭ ‬الثمن‭ ‬مما‭ ‬يوفر‭ ‬عوائد‭ ‬اقتصادية‭ ‬مرتفعة‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬ممتاز‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬ومارس‭ ‬وأبريل،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يتميز‭ ‬أيضاً‭ ‬بالعائد‭ ‬المرتفع‭ ‬مع‭ ‬تكاليف‭ ‬إنتاج‭ ‬منخفضة‭ ‬وعدم‭ ‬استخدام‭ ‬مفرط‭ ‬للمبيدات‭ ‬أو‭ ‬الكيماويات‭ ‬الضارة‭.‬

ميزة‭ ‬تنافسية

ويُصدر‭ ‬محصول‭ ‬المريمية‭ ‬حسب‭ ‬الباحث‭ ‬المصري‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العالم،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬محصول‭ ‬المريمية‭ ‬ذو‭ ‬ميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬تصديرية‭ ‬مهمة،‭ ‬إذ‭ ‬يتميز‭ ‬بمواصفات‭ ‬تصديرية‭ ‬ممتازة‭ ‬ويتم‭ ‬تصديرها‭ ‬لأوروبا‭ ‬وبعض‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬وخاصة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬زراعات‭ ‬المريمية‭ ‬تأثرت‭ ‬سلبياً‭ ‬بتبعات‭ ‬الإرهاب‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬انحسار‭ ‬للزراعة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬التوترات‭ ‬الأمنية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ارتد‭ ‬على‭ ‬المساحات‭ ‬المزروعة‭ ‬وإجمالي‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬من‭ ‬محصول‭ ‬المريمية‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬21‭ ‬عاماً‭ ‬يعمل‭ ‬المهندس‭ ‬صالح‭ ‬محمد،‭ ‬ابن‭ ‬مدينة‭ ‬رفح‭ ‬و‭ ‬المهندس‭ ‬بمركز‭ ‬بحوث‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬الشيخ‭ ‬زويد،‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬هذا‭ ‬المحصول،‭  ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النبات‭ ‬من‭ ‬الزراعات‭ ‬المعمرة‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬لفترة‭ ‬تتراوح‭ ‬من‭  ‬4‭ ‬لـ‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬المزارع‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المدة‭.‬

ويوضح‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬متوسط‭ ‬إنتاجية‭ ‬الفدان‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الواحد‭ ‬بعد‭ ‬تجفيف‭ ‬المحصول‭ ‬تبلغ‭ ‬2‭ ‬طن،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬سعر‭ ‬الطن‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬70‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬لكن‭ ‬سعره‭ ‬الآن‭ ‬يتراوح‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬إلى‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬جنيه‭.‬

وفي‭ ‬مقابل‭ ‬أسعاره‭ ‬المرتفعة،‭ ‬تقل‭ ‬تكاليف‭ ‬إنتاجه‭ ‬حسب‭ ‬المهندس‭ ‬صالح‭ ‬محمد،‭  ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬البنات‭ ‬يُزرع‭ ‬في‭ ‬حقل‭ ‬مكشوف‭ ‬ويوفر‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬التكلفة‭ ‬ومعمر‭ ‬وإنتاجيته‭ ‬غزيرة‭ ‬والطلب‭ ‬عليه‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المصري‭ ‬بخلاف‭ ‬التصدير‭ ‬ومعالج‭ ‬للمغص‭ ‬وغازات‭ ‬البطن،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ينتشر‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬رفح‭ ‬والشيخ‭ ‬زويد‭ ‬وانتقل‭ ‬لمنطقة‭ ‬جلبانة‭ ‬في‭ ‬مدخل‭ ‬سيناء،‭ ‬بسبب‭ ‬ظروف‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭.‬

Most Popular

Recent Comments