يقال إن كل شيء في مصر أثر وله تاريخ، معابد ومساجد وكنائس وقلاع، حتى منازل أهلها.. وفي القاهرة التاريخية، حينما تتجول في شوارعها العتيقة، تستحضرك العديد من الحكايات والقصص التي ترويها لك، بسحر يعود بك إلى ماضي سحيق.
وضمن مشروع «حكاية شارع»، أكمل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بالعاصمة المصرية تنفيذ المرحلة الثانية، بعد الانتهاء من تركيب 10 لوحات تعريفية لأهم شوارع المناطق التراثية بالقاهرة التاريخية.
أبرز تلك اللوحات تقع في شارع المعز لدين الله، أول خليفة للفاطميين في مصر، والذي أسس قائد جيوشه جوهر الصقلي مدينة القاهرة، لتصبح هي عاصمة للخلافة. ويعد من أبرز الشوارع السياحية في مصر حاليا، ويحتضن العديد من الفعاليات الثقافية والفنية طوال العام.
الدرب الأصفر وأمير الجيوش
في شارع «المعز» هناك لافتة لـ»حارة الدرب الأصفر»، تقول إنها اشتهرت بهذا الاسم لطلاء مبانيها باللون الأصفر، وكان الخلفاء الفاطميون يتخذون منها منحرا لذبائح عيد الأضحى. ولم تكن الحارة متصلة بشارع المعز حتى عام 1932.
ومن «الدرب الأصفر» إلى شارع «أمير الجيوش»، الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من القاهرة الفاطمية، ويبدأ من ميدان باب الشعرية إلى شارع المعز.
وتفيد اللوحة التعريفية بأنه أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى «بحر الجمالي»، أحد أمراء الجيوش في الخلافة الفاطمية، وكان مملوكا أرمنيا، ولاه الخليفة المستنصر بالله الفاطمي دمشق عام 1063 ميلاديا، ثم ولاه الوزارة في مصر بعد 10 سنوات، للقضاء على الفتن والأزمات التي كانت تمر بها البلاد، فيما يعرف حينها بـ»الشدة المستنصرية».
درب قرمز وخان الخليلي
حكايات شوارع القاهرة الفاطمية لا تنتهي، ومن أبرزها «درب قرمز» في الجمالية، شمال شارع المعز، والذي تأسس في القرن الرابع الهجري.
ينسب الدرب إلى الشيخ مصطفى دده قرامز، الذي كان يدرس العلوم الدينية والصوفية للطلاب والمتصوفة والدراويش بتكيته.
وعرف بين العامة من سكان الجمالية بمصطفى قرمز. وفي أوائل القرن السابع عشر الميلادي، سميت تكية لأحد الولاة العثمانيين الذي يدعى سنان باشا، باسم «تكية قرمز».
كما سمي الدرب أيضا باسم «درب قرمز»، الذي شهد ولادة الأديب الكبير نجيب محفوظ بالعقار رقم ثمانية، وعاش فيه 13 عاما قبل أن ينتقل للسكن في حي العباسية.
أما أشهر الشوارع في القاهرة التاريخية على الإطلاق فهو «خان الخليلي»، وكتب على لوحته التعريفية أنه أنشئ في عهد الأمير جهاركس الخليلي، المتوفي عام 1389 ميلاديا.
والأمير جهاركس الخليلي، وهو من أمراء الدولة المملوكية في عهد السلطان الظاهر برقوق، كان المشرف على الإسطبلات والبريد، وأنشأ الخان عام 1382م ، قبل أن يزيله السلطان الغوري عام 1511م، وأقام مكانه محال ووكالات ونزلا للتجار.
وبالإضافة إلى ما سبق، يقول رئيس جهاز التنسيق الحضاري بالقاهرة، المهندس محمد أبو سعدة، إن الشوارع الأخرى التي جرى تركيب اللوحات بها مؤخرا هي «الغورية، والخرنفش، وبيت القاضي، وجوهر القائد، ومحمد عبده».
وبذلك، تنضم هذه الشوارع إلى 100 آخرين من شوارع القاهرة الخديوية والزمالك وغاردن سيتي ومصر الجديدة نفذ بها المشروع. وتستهدف المرحلة الثالثة للمشروع تنفيذ 50 لوحة لحكاية شارع بمدينة الإسكندرية.