استيقظت ميانمار، الاثنين، على خبر الانقلاب الصادم الذي شنه الجيش على حكومة أونغ سان سو كي المنتخبة والتي جاءت بعد سنوات طويلة من حكم عسكري بقبضة حديدية على البلاد، لكن ما الذي يعرفه العالم حتى الآن عن هذا الانقلاب؟.. وماذا حل بكبار الساسة في البلاد؟
يعطل الانقلاب العسكري مسار سنوات من الجهود المدعومة من الغرب لإرساء الديمقراطية في ميانمار، التي كانت تعرف سابقا باسم بورما، وتحظى فيها الصين بنفوذ قوي.
كيف حدث الانقلاب؟
أعلن جيش ميانمار في بيان على محطة تلفزيونية تابعة له، الاثنين، إنه نفذ اعتقالات وسلم السلطة لقائد الجيش مين أونغ هلاينغ، وفرض حالة الطوارئ لمدة عام.
وتعطلت اتصالات الهاتف والإنترنت في العاصمة نايبيداو ومدينة يانغون التجارية الرئيسية، وانقطع بث التلفزيون الرسمي بعد اعتقال زعماء حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية.
وذكرت مصادر لموقع «فايس»، أن المواطنين شعروا منذ أيام أن «شيئا كبيرا» قد يحدث، بسبب الانتشار الكثيف للعربات العسكرية في العاصمة والمواقع الرئيسية.
وما أن وقع الانقلاب، حتى هرع السكان إلى الأسواق لتخزين المؤن، فيما اصطف آخرون أمام ماكينات الصرف الآلي لسحب نقود. وقامت البنوك لاحقا بتعليق الخدمات بسبب ضعف الاتصال عبر الإنترنت.
من هم المعتقلون؟
أهم المعتقلين في الانقلاب الذي نفذه جيش ميانمار، هي أونغ سان سو كي، التي اعتُقلت مع زعماء آخرين من حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية.
وقال المتحدث باسم الحزب، ميو نيونت، إن سو كي ورئيس ميانمار وين مينت وزعماء آخرين «اعتقلوا» في الساعات الأولى من الصباح، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
ونشر عضو بالبرلمان مقطعا مصورا على فيسبوك، يُظهر على ما يبدو اعتقال النائبة في البرلمان با با هان. ويظهر زوجها في المقطع وهو يتوسل لرجال في زي عسكري يقفون خارج البوابة أن يتركوها وشأنها، كما يظهر طفل صغير يتشبث بصدره وينخرط في البكاء.
كما فرضت قوات الأمن في العاصمة «الإقامة الجبرية» على أعضاء البرلمان، حسب ما أوضح نائبان.
وقال النائب البرلماني ساي لين ميات، إن عربات عسكرية أغلقت مخارج مجمع إسكان البلدية، حيث يقيم المشرعون أثناء جلسات البرلمان. وأضاف أن الجميع بالداخل بخير لكن غير مسموح لهم بالمغادرة.
ونشرت صفحة لحزب سو كي على فيسبوكK تم التحقق منها، تعليقات قالت إنها كُتبت تحسبا لوقوع انقلاب، ونقلت عن سو كي قولها، إن «على الناس الاحتجاج على استيلاء الجيش على السلطة»، بحسب رويترز.
وأضاف البيان المكتوب سلفا والذي جرى تحميله على صفحة حزب الرابطة الوطنية على فيسبوك، أن سو كي أكدت أن هذه الإجراءات «ستعيد ميانمار إلى عهد الدكتاتورية».
ونسب إليها القول: «أحث الناس على عدم قبول ذلك.. والاحتجاج على الانقلاب العسكري».
يذكر أن سو كي (75 عاما) وصلت إلى السلطة عقب فوز ساحق في انتخابات عام 2015، بعد عقود أمضتها في الإقامة الجبرية، وذلك في صراع من أجل الديمقراطية.
لماذا انقلب الجيش؟
وفيما يتعلق بالأسباب التي دفعت الجيش للانقلاب بشكل مفاجئ على الحكومة، فإن هناك مجموعة من العوامل التي لعبت دورا في ذلك، أولها الفوز الساحق الذي حققه حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، في الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر، والتي اعتبرت بمثابة استفتاء على الحكم الديمقراطي الوليد لسو كي.
واعتبر الجيش، في البيان الذي أصدره أن الانتخابات «مزورة».
وفاز حزب سو كي بنسبة 80 في المئة من الأصوات في ثاني انتخابات فقط تجرى منذ أن وافق مجلس عسكري على تقاسم السلطة في 2011.
سبب آخر للانقلاب مرتبط بانعقاد البرلمان لأول مرة منذ الفوز الساحق، إذ جاء تحرك الجيش في ساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين، قبل ساعات فقط من الجلسة.
كما أن التوتر بين سو كي وقادة الجيش وصل إلى ذروته خلال الآونة الأخيرة، فبالرغم من أنها وقفت إلى جانب الجيش عندما تم اتهامه دوليا بارتكاب إبادة جماعية ضد مسلمي الروهينغا عام 2017، فإن التوترات بين الجانبين ظلت كبيرة بسبب «دور الجيش في السياسة».
وكانت الرابطة الوطنية للديمقراطية قد أكدت باستمرار أنها تريد تعديل الدستور وإجراء تغييرات، الأمر الذي استمر الجيش يرفضه، معتبرا أنه «جزء أساسي» من الأمن، في بلد تملؤه الجماعات العرقية المسلحة.
ماذا سيحدث بعد الانقلاب؟
وبعد تكهنات بشأن الإجراءات التي سيتم اتخاذها بعد الانقلاب، قال جيش ميانمار إنه سيتم إجراء «انتخابات حرة ونزيهة ثم سيتم تسليم السلطة للحزب الفائز».
وأضاف الجيش في مقال نشر على موقع إلكتروني رسمي تابع له، يلخص اجتماعا للمجلس العسكري الحاكم، أن قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلاينغ، «تعهد بممارسة نظام الديمقراطية التعددية الحقيقي بشكل عادل».
ولم يحدد الجيش موعدا للانتخابات، لكنه قال في وقت سابق إن حالة الطوارئ التي فرضها ستستمر عاما.