الرئيسيةأخبار الاقتصادمعظم الشركات خارج المالية..هل اقتصاد السودان مهدد بالانهيار؟

معظم الشركات خارج المالية..هل اقتصاد السودان مهدد بالانهيار؟

يواجه‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوداني‭ ‬خطر‭ ‬الانهيار‭ ‬الكامل،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬270‭ ‬بالمئة،‭ ‬والتدهور‭ ‬المريع‭ ‬للجنيه‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬سعره‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الموازي‭ ‬إلى‭ ‬310‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬الواحد‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬قليلا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭.‬

وزاد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬الخدمات‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يعيش‭ ‬65‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬سكانه‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الفقر،‭ ‬ويعتمد‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬احتياجاته‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬الخارجية‭.‬

وقال‭ ‬اقتصاديون‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬الحياة نيوز»‬‭ ‬إن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السوداني‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬كاملة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬أزمته‭ ‬الحالية،‭ ‬وأشاروا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬82‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العامة‭ ‬خارج‭ ‬مظلة‭ ‬وزارة‭ ‬المالية،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الميزانية‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬18‭ ‬بالمئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الإيرادات‭ ‬المحتملة‭.‬

وطالب‭ ‬الاقتصاديون‭ ‬بالإسراع‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬العملة‭ ‬أو‭ ‬سحب‭ ‬الفئات‭ ‬الكبيرة‭ ‬لامتصاص‭ ‬السيولة‭ ‬الهاربة‭ ‬خارج‭ ‬النظام‭ ‬المصرفي،‭ ‬التي‭ ‬تقدر‭ ‬بنحو‭ ‬90‭ ‬بالمئة،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬90‭ ‬تريليون‭ ‬جنيه،‭ ‬وتقليص‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬والسيادي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬مساره‭ ‬الصحيح‭.‬

ميزانية‭ ‬2021

وشددت‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬هبة‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الموازنة‭ ‬الجديدة‭ ‬تم‭ ‬تمويلها‭ ‬بإيرادات‭ ‬حقيقية‭ ‬مع‭ ‬تقليل‭ ‬الاستدانة‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬المركزي،‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬إلى‭ ‬52‭ ‬مليار‭ ‬جنيه،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬التزام‭ ‬الوزارة‭ ‬برفع‭ ‬عبء‭ ‬التضخم‭ ‬عن‭ ‬المواطن‭ ‬وتثبيته‭ ‬عند‭ ‬95‭ ‬بالمئة‭ ‬بنهاية‭ ‬العام،‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬270‭ ‬بالمئة‭ ‬حاليا‭.‬

لكن،‭ ‬بالنسبة‭ ‬للخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عضو‭ ‬اللجنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لقوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير‭ ‬محمد‭ ‬شيخون،‭ ‬فإن‭ ‬ميزانية‭ ‬2021‭ ‬‮«‬اعتمدت‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬على‭ ‬جيب‭ ‬المواطن،‭ ‬حيث‭ ‬تغطي‭ ‬معظم‭ ‬الزيادة‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬مواردها‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬المحروقات‭ ‬والمقدرة‭ ‬بنحو‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬شيخون،‭ ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الميزانية‭ ‬أخفقت‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوانب،‭ ‬حيث‭ ‬رفعت‭ ‬معدلات‭ ‬الإنفاق‭ ‬السيادي‭ ‬والأمني‭ ‬والحكومي‭ ‬الاستهلاكي‭ ‬الذي‭ ‬استحوذ‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬بالمئة،‭ ‬وهي‭ ‬نسبة‭ ‬عالية‭ ‬مقارنة‭ ‬بمخصصات‭ ‬قطاعات‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والتنمية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬بنصيب‭ ‬أكبر‮»‬‭.‬

الداخل‭ ‬قبل‭ ‬الخارج

وتتفاقم‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬متطلبات‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬من‭ ‬خبز‭ ‬وغاز‭ ‬طبخ‭ ‬ووقود‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭.‬

ويعزي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يسن‭ ‬حسن‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬حماية‭ ‬المستهلك‭ ‬السودانية‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الارتباك‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬صاحب‭ ‬أداء‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية،‭ ‬وتركيزها‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬الخارجي‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المشكلات‭ ‬الداخلية‮»‬‭.‬

ورغم‭ ‬إقراره‭ ‬بالإنجازات‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية،‭ ‬فإن‭ ‬حسن‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافيا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬إهمال‭ ‬ترتيب‭ ‬البيت‭ ‬الداخلي‮»‬‭.‬

ويقول‭ ‬حسن‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬الحياة نيوز»‬‭ ‬إن‭ ‬‮«‬المواطن‭ ‬السوداني‭ ‬مدرك‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬الثورة‭ ‬ورثت‭ ‬عبئا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ثقيلا‭ ‬ووضعا‭ ‬فاسدا،‭ ‬لكن‭ ‬الحكومة‭ ‬الانتقالية‭ ‬لم‭ ‬تضع‭ ‬سياسات‭ ‬أو‭ ‬خطط‭ ‬مقنعة‭ ‬ذات‭ ‬مردود‭ ‬اقتصادي‭ ‬ملموس‮»‬،‭ ‬وإن‭ ‬‮«‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬أو‭ ‬تحرير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬بالطريقة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬الحكومة،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضمن‭ ‬حزم‭ ‬اقتصادية‭ ‬مدروسة‭ ‬وواضحة‭ ‬تقدم‭ ‬للمواطن‭ ‬بشفافية‭ ‬كاملة‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬إنقاذ‭ ‬اقتصادي‭ ‬ذات‭ ‬برنامج‭ ‬وقعي‭ ‬وواضح‭ ‬المعالم،‭ ‬وتكوين‭ ‬مجلس‭ ‬تشريعي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬محاسبة‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬وتقويمه‮»‬‭.‬

ويشخص‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬دفع‭ ‬الله‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬‮«‬فقدان‭ ‬الحكومة‭ ‬لبوصلة‭ ‬الحلول‮»‬،‭ ‬ويقول‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬الحر‭ ‬أو‭ ‬الاشتراكي‭ ‬أو‭ ‬المختلط‭.‬

ويرى‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬الحياة نيوز»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ضعف‭ ‬الطاقم‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وعدم‭ ‬استشارة‭ ‬أهل‭ ‬الشأن‭ ‬وزيادة‭ ‬الأجور‭ ‬دون‭ ‬توفير‭ ‬موارد‭ ‬حقيقية،‭ ‬كلها‭ ‬أسباب‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬التدهور‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الحالي‭ ‬ورفع‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬مبررا‭ ‬كافيا‭ ‬لرفع‭ ‬الدعم‭ ‬عن‭ ‬الوقود،‭ ‬إذ‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاستهلاك‭ ‬الأمني‭ ‬والحكومي‭ ‬المحاني‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬75‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬استهلاك‭ ‬المحروقات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يبلغ‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الزراعي‭ ‬والاستهلاك‭ ‬الفردي‭ ‬وغيره‭ ‬25‭ ‬بالمئة‭ ‬فقط‮»‬‭.‬

ويؤكد‭ ‬أن‭ ‬أزمتي‭ ‬الخبز‭ ‬والغاز‭ ‬سببها‭ ‬ضعف‭ ‬السياسات‭ ‬وسوء‭ ‬الإدارة،‭ ‬إذ‭ ‬يبلغ‭ ‬استهلاك‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬سنويا‭ ‬نحو‭ ‬مليوني‭ ‬طن،‭ ‬ينتج‭ ‬60‭ ‬بالمئة‭ ‬منها‭ ‬محليا‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬الدولة‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬اللازمة‭ ‬لسد‭ ‬النقص‭ ‬البسيط‭ ‬بحسب‭ ‬تعبيره،‭ ‬كما‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬مواعين‭ ‬التخزين‭ ‬اللازمة‭ ‬لضمان‭ ‬تدفق‭ ‬إمدادات‭ ‬الغاز‭ ‬للمستهلك‭.‬

هل‭ ‬تتغير‭ ‬عملة‭ ‬السودان؟

ويعتبر‭ ‬تدهور‭ ‬قيمة‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬التدهور‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬حيث‭ ‬تراجع‭ ‬الجنيه‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬بنحو‭ ‬300‭ ‬بالمئة،‭ ‬ويتم‭ ‬تداول‭ ‬الدولار‭ ‬الواحد‭ ‬حاليا‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬290‭ ‬و300‭ ‬جنيها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بلغ‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬310‭ ‬جنيهات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتراجع‭ ‬قليلا‭ ‬في‭ ‬اليومين‭ ‬الماضيين‭.‬

ويعزي‭ ‬المراقبون‭ ‬الانخفاض‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬الجنيه‭ ‬إلى‭ ‬المشكلات‭ ‬الهيكلية‭ ‬التي‭ ‬يعانيها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬وخلل‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬بسبب‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬وفقا‭ ‬لتقديرات‭ ‬غير‭ ‬رسمية‭ ‬نحو‭ ‬7‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2020،‭ ‬وضعف‭ ‬الصادرات‭ ‬التي‭ ‬قدرت‭ ‬بنحو‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المضاربات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يتبع‭ ‬معظمها‭ ‬للنظام‭ ‬السابق‭.‬

ووعدت‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬بتفعيل‭ ‬قوانين‭ ‬صارمة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬المضاربين‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬العملة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬المختصة،‭ ‬بجانب‭ ‬تحسين‭ ‬الأداء‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وقالت‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬السودانية‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬إعلامية‭ ‬إن‭ ‬توحيد‭ ‬سعر‭ ‬الصرف‭ ‬مهم‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬احتياطات‭ ‬وتدفقات‭ ‬حال‭ ‬وظفت‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬الاقتصاد‭.‬

لكن‭ ‬شيخون‭ ‬يتوقع‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الانفلات‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬صرف‭ ‬الجنيه‭ ‬السوداني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬المطالبة‭ ‬بتعويم‭ ‬الجنيه،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬عمليا‭ ‬خفض‭ ‬السعر‭ ‬الرسمي‭ ‬البالغ‭ ‬حاليا‭ ‬55‭ ‬جنيها‭ ‬للدولار‭.‬

ويشير‭ ‬شيخون‭ ‬إلى‭ ‬ضغوط‭ ‬مماثلة‭ ‬عند‭ ‬إعداد‭ ‬ميزانية‭ ‬2020‭ ‬رفضتها‭ ‬اللجنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لقوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير،‭ ‬وطالبت‭ ‬بعدم‭ ‬المساس‭ ‬بالدولار‭ ‬الجمركي‭ ‬والدعم‭ ‬المقدم‭ ‬للسلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬لكن‭ ‬الحكومة‭ ‬رضخت‭ ‬لتلك‭ ‬الضغوط‭ ‬وخفضت‭ ‬السعر‭ ‬الرسمي‭ ‬حينها‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬إلى‭ ‬55‭ ‬جنيها‭ ‬للدولار،‭ ‬مما‭ ‬انعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ورفع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ،‭ ‬وبالتالي‭ ‬خفض‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستهلاكي‭.‬

ويتفق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يسن‭ ‬حسن‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬شيخون،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انخفاض‭ ‬سعر‭ ‬الجنيه‭ ‬جاء‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬الإنتاج‭ ‬والصادرات‭ ‬وسوء‭ ‬السياسات‭ ‬المالية،‭ ‬ويتوقع‭ ‬استمرار‭ ‬تدهور‭ ‬الجنيه‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬وضع‭ ‬سياسات‭ ‬اقتصادية‭ ‬قوية‭ ‬وفاعلة‭.‬

ويرى‭ ‬حسن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬بيع‭ ‬الذهب،‭ ‬وتوجيهه‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬احتياطي‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬لدعم‭ ‬موقف‭ ‬العملة‭ ‬المحلية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الجهاز‭ ‬المصرفي‭ ‬ويمكّن‭ ‬من‭ ‬جذب‭ ‬تحويلات‭ ‬المغتربين‭ ‬والتدفقات‭ ‬الاستثمارية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحسين‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭ ‬تدريجيا‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يلقي‭ ‬دفع‭ ‬الله‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬النقدية،‭ ‬ويعتبرها‭ ‬سببا‭ ‬مباشرا‭ ‬في‭ ‬الانفلات‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الصرف‭ ‬وليس‭ ‬الموردين،‭ ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الطريق‭ ‬الوحيد‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الجنيه‭ ‬هو‭ ‬تغيير‭ ‬العملة‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬الذهب‭ ‬ووقف‭ ‬المضاربات‭ ‬اليومية‮»‬‭.‬

800‭ ‬أم‭ ‬50؟

وتتضارب‭ ‬التقديرات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالشركات‭ ‬التابعة‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬ولا‭ ‬تخضع‭ ‬لولاية‭ ‬وزارة‭ ‬المالية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬ضمن‭ ‬أرقام‭ ‬الميزانية،‭ ‬وفيما‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬الإحصاءات‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬شركة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات،‭ ‬تقول‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬إنها‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬50‭ ‬فقط‭.‬

وفقا‭ ‬لأستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬السودانية‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬بوب،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الخلل‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬2021‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬18‭ ‬بالمئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬البلاد‭ ‬بسبب‭ ‬فشل‭ ‬الحكومة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬قوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬الـ82‭ ‬بالمئة‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬حمدوك‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬سابقة‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬خارج‭ ‬ولاية‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬للمال‭ ‬العام‮»‬‭.‬

لكن‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬أكدت‭ ‬أنها‭ ‬قدمت‭ ‬تصورا‭ ‬كاملا‭ ‬للإصلاحات‭ ‬المطلوبة‭ ‬لقطاع‭ ‬الشركات‭ ‬الحكومية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المؤسسات‭ ‬العسكرية‭ ‬والنظامية،‭ ‬مقرة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬تواجه‭ ‬مشاكل‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ضعف‭ ‬الحوكمة‭ ‬وعدم‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬تعيين‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارات‭ ‬ومتابعة‭ ‬ومراقبة‭ ‬الأداء،‭ ‬وتضارب‭ ‬المصالح‭ ‬بين‭ ‬أدوار‭ ‬الوزرات‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬سلطة‭ ‬الإشراف‭ ‬الفني‭ ‬ومجالس‭ ‬الإدارات‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬يقول‭ ‬شيخون‭ ‬إن‭ ‬اللجنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لقوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير‭ ‬اقترحت‭ ‬على‭ ‬اللجنة‭ ‬المركزية‭ ‬لقوى‭ ‬الحرية‭ ‬والتغيير‭ ‬معالجة‭ ‬الشركات‭ ‬التابعة‭ ‬للجيش‭ ‬والقوات‭ ‬الأمنية‭ ‬على‭ ‬مرحلتين،‭ ‬تتضمن‭ ‬الأولى‭ ‬حصر‭ ‬وتحديد‭ ‬الشركات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬التجارية‭ ‬غير‭ ‬العسكرية،‭ ‬وتأهيل‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬والقطاعات‭ ‬المعنية‭ ‬لتصبح‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬تلك‭ ‬الشركات،‭ ‬أما‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬فتشمل‭ ‬تسجيل‭ ‬جميع‭ ‬الشركات‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬وحوكمتها‭ ‬وإصلاح‭ ‬ملفاتها‭ ‬الضريبية‭ ‬وإخضاعها‭ ‬لطرح‭ ‬عام،‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬شركات‭ ‬مساهمة‭ ‬عامة‭ ‬وفقا‭ ‬لضوابط‭ ‬الشفافية‭ ‬والمعايير‭ ‬العالمية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تترك‭ ‬الشركات‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬والصناعات‭ ‬العسكرية‭ ‬البحتة‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭.‬

ويبدو‭ ‬بوب،‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‭ ‬عربية‮»‬،‭ ‬غير‭ ‬مقتنع‭ ‬بالمبررات‭ ‬التي‭ ‬تسوقها‭ ‬الحكومة‭ ‬وحاضنتها‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الفشل‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬وزارة‭ ‬المالية‭ ‬يعني‭ ‬المضي‭ ‬نحو‭ ‬الانهيار‭ ‬وفقدان‭ ‬أي‭ ‬فرصة‭ ‬للإصلاح‭ ‬الاقتصادي‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬يشكل‭ ‬فشلا‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬حجم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بصورة‭ ‬فعلية،‭ ‬وحتى‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬الحكومة‭ ‬معلومات‭ ‬كافية،‭ ‬فهناك‭ ‬مستوى‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬القدرات‭ ‬الإدارية‭ ‬والكفاءة‭ ‬المعرفية‭ ‬لعلاج‭ ‬الأمور‮»‬‭.‬

وينصح‭ ‬بوب‭ ‬بمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬الاختلالات‭ ‬الهيكلية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬الشفاف‭ ‬وبناء‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬العسكر‭ ‬والمدنيين،‭ ‬بما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬فاعل‭ ‬وملموس‭ ‬يخرج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬من‭ ‬كبوته‭ ‬الحالية‭.‬

Most Popular

Recent Comments