تَتسم بيئة العمل في السويد ببعض الخصائص المميزة التي لا بد لك من معرفتها إن قررت العمل في إحدى القطاعات أو إنشاء شركتك الخاصة. وتتسم بيئة العمل بوجود قوانين تحدد حقوق وواجبات الموظفين تبعاً لمقتضيات كل وظيفة واحتياجاتها. لكن هناك العديد من المزايا المشتركة إلى حد كبير بين بيئات العمل المختلفة في السويد، فبحسب قانون بيئة العمل فإن رب العمل هو المسؤول الأول عن تأمين بيئة عمل مناسبة للموظفات والموظفين، حيث أن أحد مهامه الأساسية هي تأمين سبل الراحة والأمان في مكان العمل. وسنتحدث هنا عن أبرز ملامح بيئة العمل في السويد.
لا رسميات في العمل
في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات تم احداث تعديلاً في استخدام اللغة في السويد بحيث تم ألغاء استخدام الضمير الشخصي للغائب عند مخاطبة الأشخاص كصيغة احترام وكذلك الألقاب (سيدي ، الزوجة ، إلخ) فى التعاملات الرسمية ومنذ ذلك الحين أصبح من المعتاد أن يخاطب الجميع بعضهم بعضاً بأسمائهم الأولى، حيث أن الألقاب مثل (السيد) أو (السيدة) أو (الدكتور) أصبحت شيئاً من الماضي، ولذلك من الطبيعي أن ترى طلاب المدارس يخاطبون معلميهم ومعلماتهم بأسمائهم الأولى، والمريض يخاطب الطبيب باسمه الأول، وكذلك في العمل، تستطيع مخاطبة رئيسك، أو حتى مدير الشركة أو المؤسسة بأسمائهم الأولى. لكن التعامل بهذه الطريقة، يفرض على الجميع الأخذ بعين الاعتبار المساحة الشخصية لكل فرد. أي أن الجميع يحرص هنا على ضرورة إبقاء العمل والعلاقات الشخصية بمعزل عن بعضهما البعض. أما النقاشات التي قد تنشأ بين الزملاء، فتتسم معظمها بالهدوء وتبادل الأدوار، وضرورة الاستماع إلى الآخر.
حرية في اختيار ملابس العمل
أما بخصوص ملابس العمل، فالموظفات والموظفين في السويد عامة لديهم الكثير من الحرية في اختيار ملابسهم، لا توجد قوانين تحدد أزياء العمل، ولكن يوجد ما هو متعارف عليه، ولكن مع مراعاة ما تقتضيه كل وظيفة. يستثنى من ذلك بعض الجهات التي تلزم موظفيها بارتداء زي موحد، كالقطاع الطبي مثلاً.
“لاغوم” من القيم الأساسية
تعتبر كلمة “لاغوم” من الكلمات التي تميز الشعب السويدي عن غيره والتي تعني “بشكل معتدل” أو “جيد بالدرجة الكافية” أو “كافٍ” والتي يتم تطبيقها في جميع مجالات الحياة ويتم أخذها كذلك بعين الاعتبار في بيئة العمل. وتشير هذه الكلمة إلى ضرورة قيام كل فرد بعمله وحسب “بشكل جيد بما فيه الكفاية” وهذا يعني أن العمل لساعات كثيرة إضافية لا يعني بالضرورة أنك أفضل ممن يعمل ساعات أقل، بل قد يعني أنك لا تعمل بدرجة عالية من الكفاءة خلال ساعات العمل. والأهم أن تبذل قصارى جهدك أثناء تواجدك في العمل لتحقيق المهام المكلفة، ولكن من المهم كذلك خلق توازن جيد بين العمل والاهتمامات الأخرى في الحياة. وعلى الرغم من أن العمل مهم ومجزي وممتع ، إلا أنه لا ينبغي أن يكون كل شيء في حياة الفرد. ومن أحد التطبيقات الهامة لمفهوم “لاغوم” في مجال العمل هو أنه يشجع على التواضع وعدم التفاخر الزائد، خصوصاً لو كان في ذلك تعالي على الغير.
دور قوي للنقابات
في حال نشوب أية خلافات بين رب العمل والموظفين، فيوجد في السويد تأثير قوي للاتحادات النقابية للعمال والموظفين التي تتبع لها كل حرفة أو مهنة أو وظيفة والتي وجدت في السويد منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر. وتقوم النقابات بالتفاوض مع رب العمل حول رواتب الأعضاء وأن تعمل ما بوسعها لحماية حقوق العمال والموظفين وتوفير بيئات عمل أفضل لهم وضمان أعلى مستوى ممكن من الأمان والعدل، وهذا ما يساهم في رفع مستوى الأمان والثقة عند العمال والموظفين عموماً. ويتفهم العاملون في السويد أن عليهم دوماً التفاوض والحوار لتحقيق ما يريدون، وأن القرارات الجماعية تعني أنه لا بد للبعض من تقديم تنازلات حتى يتم الوصول إلى حلول ترضي الجميع، ولذلك من المعهود أن يتم نقاش أي أنظمة أو قوانين مع الجميع قبل إقرارها في بيئة العمل.
الاجتماعات من أساسيات بيئة العمل
وما يميز بيئة العمل في السويد، هو أنها لا تشجع على الانفراد في اتخاذ القرار، بل تشجع على الوصول إلى قرارات مشتركة يساهم الجميع فى طرحها، مما يزيد من الشعور بالراحة والآمان لدى العاملين، بالرغم من أنه قد تكون له جوانب سلبية أخرى كالبطء في اتخاذ القرارات عموماً. لذلك فلا بد من وجود مجال للتحاور والنقاش سواءً في التغييرات التي قد تطرأ مستقبلاً، أو جلسات تقييمية لعمل الجماعة في المؤسسة أو الشركة.
وهنا تكمن أهمية الاجتماعات في بيئة العمل السويدي، والتى تُعقد بشكل دوري لأهداف عدة، كمشاركة الخبرات والتشاور وتبادل المعارف وإيجاد فرص للتعاون المشترك بين الزملاء.
أهمية “الفيكا”
من الكلمات التي ستسمعها كثيراً في بيئة العمل بالسويد هي كلمة “فيكا”، وهي تعني استراحة قصيرة أثناء العمل يتخللها شرب فنجان من القهوة أو مشروب آخر وتناول قطعة من الحلوى. وفترة الاستراحة أو “الفيكا” مقدسة عند السويديين، ولا نقاش فيها، لذلك لا تستغرب حينما تجد زملائك، وأحياناً موظفيك، قد اختفوا فجأة لتناول القهوة. لكن للعمل أيضاً قُدسيته في السويد، فتجدهم على مكاتبهم بالضبط عند بدء الدوام، ويغادرون أيضاً في الوقت المحدد عند انتهاء الدوام، ويخرجون للاستراحات ويعودون في الأوقات المخصصة لذلك. لكنهم أيضاً حريصون على انجاز مهامهم في أوقات العمل. أي أنه من النادر أن ترسل بريداً الكترونياً لأحد الموظفين وتحصل على رد إن كان خارج أوقات الدوام الرسمي، إلا في حالات الضرورة التي تستدعي ذلك. فلحياتهم الخاصة خارج العمل قُدسيتها أيضاً، تماماً كالعمل والاستراحة.
رب العمل هو المسؤول عن بيئة العمل
كل الموظفين في السويد لهم الحق في بيئة عمل جيدة طبقا لقانون بيئة العمل الذي ينص على أن رب العمل يجب أن يفعل كل ما هو ضروري لمنع تعرض الموظف بضرر أو مرض أو حادثة بسبب عمله. وتتضمن مسؤولية رب العمل أيضًا ضمان صيانة الآلات والأدوات والمعدات الوقائية والأجهزة التقنية الأخرى، لذلك فمن المهم أن يتعرف الجميع وبالأخص وخاصة أرباب العمل علي قانون بيئة العمل وقواعد بيئة العمل التي تنطبق على مكان العمل.
وتقوم مصلحة بيئة العمل بالتأكد من خضوع الشركات والمنظمات لقانون بيئة العمل من خلال ارساء قواعد مفصلة انطلاقاً من قانون بيئة العمل والتأكد من خضوع الشركات و المنظمات للقوانين و القواعد الموضوعة ونشر معلومات عن مسائل متعلقة ببيئة العمل. وتوجد بأغلبية مواقع العمل في السويد ما يسمى بمندوب الوقاية، وهو شخص الذي يمثل كل الموظفين و بإمكانه المطالبة بإجراءات معينة بخصوص بيئة العمل من رب العمل.
بعض النصائح الهامة:
تعلم السويدية: بالرغم من أن أغلب السويديين يتحدثون الإنجليزية، إلا أن تعلم السويدية سيسهل عليك الاندماج في بيئة العمل وخلق العلاقات والصداقات مع زملائك.
تعرف على النظام الضريبي في السويد وقوانين العمل خصوصاً إن كنت تريد أن تنشئ شركتك الخاصة، فمن الضروري جداً لك أن تكون على دراية واسعة بنظام السويد الضريبي قبل الشروع بتأسيس شركتك الخاصة. وإن كنت موظفاً فمن الجيد أيضاً أن تكون مطلعاً بقوانين العمل، لتصبح على دراية كافية بحقوقك وواجباتك.
التزم بالوقت: كن على مكتبك في بداية دوامك، وأحضر الاجتماعات في وقت بدايتها بالضبط، وقم بإنهاء عملك المطلوب ضمن الوقت المحدد.
قم بالتخطيط مسبقاً: فإن كنت ترتب لاجتماع فعليك التخطيط له مسبقاً والتواصل مع الشخص أو الاشخاص الذي تريد مقابلتهم والاتفاق معهم على وقت يناسب الجميع. لأن اللقاءات المفاجئة أو غير المخطط لها لا تلقى استحسان الكثير من أصحاب العمل في السويد، وهو ما قد يفقدك فرصاً كثيرة.