– في يوم الأربعاء في شهر يونيو 2019 ذهب عصمت هجريزي إلى موعده مع وكالة خدمات الحدود الكندية CBSA في أوتاوا ليتفاجأ بأمر الترحيل، ولكن الصدمة لم تكن فقط بأمر الترحيل بل أعطوه مهلة 11 يوماً فقط قبل ترحيله إلى بلد ليس بلده الأصلي!
جاء قرار ترحيله إلى كوسوفو، هذه الدولة التي لا تربطه فيها أي صلة قانونية.
هذه القصة على لسان ابنته، حيث قالت إن والدتها بولندية الأصل كانت متزوجة سابقاً ولكنها في النهاية هربت من زوجها وتزوجت من عصمت، وهو مسلم من يوغوسلافيا.
لم تكن يوغوسلافيا مكاناً آمنا لعائلة عصمت، لذلك قرر عصمت الهروب مع زوجته وطفلتيه الصغيرتين إلى كندا في عام 1997، حتى تلك اللحظة كانت الطفلتين بلا جنسية، وعندما وصلوا إلى كندا جعلوا منها بلاداً لهم حتى أنهما أنجبا طفلين هناك.
قالت ابنته أنها لم تكن تعلم أنه ليس لديهم وضع قانوني في كندا، حيث أخفى والدهم عنهم هذا الأمر لإبعادهم عن حالة التوتر والقلق التي كان يتعامل معها كل يوم من حياته.
اتصلت ابنته بمحام كانت تعرفه ليخرج والدها من الاحتجاز ولكنه فشل، لذلك توجهوا إلى المحكمة الفيدرالية لإيقاف قرار الترحيل لكنهم لم ينجحوا أيضاً.
لحسن الحظ أدت مشكلة ميكانيكية في الطائرة إلى تأجيل موعد ترحيل عصمت لمدة أسبوعين، خلال هذه المدة عينت العائلة محامٍ جيد وتقدموا بطلب جديد للمحكمة الفيدرالية، ولكن كل هذا لم ينجح وفي وقت متأخر من ليلة 30 يونيو كان عصمت قد صعد على متن رحلة ترحيله.
اقرأ أيضا: أسباب الترحيل من كندا
بدأت الأسئلة تتبادر إلى ذهن ابنته: “لماذا لم يكن هناك تحذير؟ لماذا رُحّل الآن؟ لا شيء له معنى!”.
بدأت ابنته تبحث عن الأجوبة بنفسها، لذلك بدأت في مراجعة جميع وثائق الهجرة، وعلمت أن والداها حاولا الحصول على وضع اللاجئ عندما وصلا في عام 1997 ولكن الأمر لم يكن سهلاً على شعب الروما في ذلك الوقت.
في مايو 2000، رفض أحد القضاة طلبات اللجوء الأولية لعصمت، كما رُفض طلبهما للمراجعة القضائية بعد أن فشل المحامي في تقديم الأوراق الصحيحة في الوقت المحدد، لم يكن عصمت وزوجته يتحدثان الإنكليزية في ذلك الوقت، لهذا السبب لم يدركا سبب رفض طلبهما.
في عام 2008، حاولت الحكومة ترحيل عائلة عصمت باستثناء الشقيقين الكنديين اللذين كانا سيوضعان في دار للرعاية بعد ترحيل عائلتهما، في ذلك الوقت كان يعتقد مسؤولو CBSA أنهم ألبان، لم يصدقوا عندما أخبروهم أنهم من الغجر، ولكن عندما أجرى مسؤولو الأمم المتحدة في كوسوفو تحقيقاً أبلغوا CBSA بأنهم حقاً غجر، لذلك قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنه بكونهم من الغجر فإنهم بحاجة لحماية دولية، أي ليس بالإمكان ترحيلهم ولكن في الوقت ذاته لا يمكن منحهم وضع قانوني في البلاد لذلك عادوا إلى وضع الحياة غير المستقرة.
لم يكن نظام الهجرة الكندي مرحباً بالشعب الغجري، وكثيراً ما رُفضت طلبات اللجوء التي تقدم بها عصمت وعائلته.
قدمت العائلة في عام 2006 طلب هجرة إنسانية ولكنهم لم يتلقوا الرد حتى عام 2013 وللأسف كان الرد بالرفض دون تقديم أي سبب لرفضهم.
اقرأ أيضًا: الحكم بترحيل رجل من كندا بعد رفض ارتداء الكمامة في الطائرة
بعد وقت قصير من ترحيل عصمت أبلغت CBSA الأم أنه بإمكانها تقديم دليل على مخاطر ترحيلها هي أيضًا، إنها الفرصة الوحيدة لتوضيح خطر الاضطهاد في المكان الذي ستُرحل إليه ، أي سيكون أمامهما مهلة 6 أشهر وأحياناً سنة ونصف قبل الترحيل.
بحلول العام الجديد قُبل طلب اللجوء الإنساني للابنتين، أي أصبح بإمكانهما البدء بأوراق الإقامة الدائمة، أي أن قضيتهما كانت صالحة طوال الوقت، ربما لم يكن عليهم ترحيل الأب في المقام الأول.
يراجع مسؤولو الهجرة طلب الأم الآن لتقييم المخاطر قبل الترحيل، ولكن سيتعين عليها تقديم تقرير إلى وكالة خدمات الحدود الكندية كل شهر.
أدركت نائبة رئيس الوزراء كريستيا فريلاند الخطر الذي يواجهه شعب الروما ولا سيما النساء، أي أن الحكومة الليبرالية الحالية هي أول من اعتراف بالإبادة الجماعية للغجر في الحرب العالمية الثانية.